أما منهجي في هذا البحث فقد تناولت فيه خمسة
مباحث هي:






تعريف الثقافة لغة:





يقول ابن
منظور: (ثقف الشيء ثقفا وثقافا وثقوفة: حذقه. ورجل ثقف: حاذق فهم .. ورجل ثقف لقف:
إذا كان ضابطا لما يحويه قائما به. ويقال: ثقف الشيء وهو سرعة التعلم. وثقفت الشيء
أي: حذقته وثقفته إذا ظفرت به. قال تعالى: " فإما تثقفنهم في الحرب") [5]








تعريف الثقافة اصطلاحا:





تعددت التعاريف
الاصطـلاحية للثقافة، وربما رجع ذلك التعـدد إلى اختلاف نظرة كل واحد إلى الـثقـافة
تـبعا لمجاله وتخصـيـصه الفكري ، لكنها على العـموم مـتقاربة متداخلة:





أولا: تعـريف الثقافة عند عـلماء الغـرب:





مـن أهمها:


1/ يقول
ادوارد تيلور: ( الـثـقـافـة هـي الـكـل الـمـركـب الـذي يـتـضـمـن الـمعـارف
والعـقائـد والـفـنـون والأخـلاق والـقـوانـيـن )


2/ يقول
لـوك: ( الـثـقـافـة هـي تهــذيـب الـعـقـل أو تهــذيـب الإنـسـان )


3/ يقول
هـنري لاوست: ( الـثـقـافـة هـي مـجـمـوعـة الأفـــكار والعادات المـوروثـة التي
يـتكون فيها مبـدأ خـلقـي لأمـة مـا، ويـؤمـن أصحـابهـا بـصحـتـها وتــنـشأ مـنـها
عـقـلـيـة خـاصـة بـتـلـك الأمة تمتاز عن سواها)





ثانيا: تعريف الثقافة عند عـلماء العرب:





مـن أهمها:


1/ عرفت
بأنها: ( مجمـوع الأفـكـار والـعـادات التـي يكـتسبها أي مجـتـمع من المجـتمعات،
ويشتـرك فيها أفـراد، وتنتـقل من جيـل إلى جيـل) [6]


2/ عرفها
الدكتـور أحمد شلبي: ( الـرقـي فـي الأفـكـار الـنـظـريـة، وذلك يشـمـل الـرقـي في
الـقانـون والـسيـاسـة والإحـاطـة بـقـضـايا الـتـاريـخ الـمـهـمـة والـرقـي
كـذلـك فـي الأخلاق أو الـسـلـــوك)


3/ عرفها
الـمجـمع الـلغوي: ( جـمـلـة الـعـلـوم والـمـعـارف والـفــنـون الـتي يـطـلـب
الـحــــذق بـهــا ) [7]







عرّف الأستاذ عمر الخـطيب الـثقافة الإسلامـية بأنها :





( الصورة
الحية للأمة فهي التي تحـدد ملامح شخصيـتها وقـوام وجودها، وهي التي تضبط سـيرها في الحـياة، وتحدد اتجاهها فـيه، إنها
عـقيدتها التي تؤمن بها، ومـبادؤها الـتي تحرص عـليهـا، ونظـمها التي تعمل على
التزامها، وتراثها الذي تخشى علـيه الـضـياع والاندثـار، وفكرهـا الذي تـود له
الذيوع والانتـشار )


وإيجازا
للتعريف الـسابق وتحديدا أكثر لمفهوم علم الثقافة الإسلامية يمكن القول بأنهـا:


( العلم بمنهج
الإسلام الـشمولي في الفكر والنظم والقيم، ونقد التراث الإنساني من خلالها) [8]
تنفرد
الثقافة الإسلامية عن غيرها من الثقافات وخاصة الغربية منها بعدة أمور، منها من
حيث المصدر إذ أن الثقافة الإسلامية تستمد وجودها من الإسلام متمثلا في القران
والسنة النبوية خلافا لغيرها من الثقافات، فالثقافة الغربية مثلا تستمد وجودها من
الفكر اليوناني وتفسيرات المسيحية، والثقافة الهندية مثلا تستمد فكرها من البوذيين
وعبدة الأبقار وهكذا، بل إن هدف الثقافة الإسلامية أسمى من الثقافات الأخرى إذ
يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين أفراده خلافا للثقافات الأخرى التي يستغل فيها القوي
الضعيف وتتسلط الدول القوية فيها على خيرات الدول الفقيرة. [9]


صلتها بالعلوم الإسلامية الأخرى:


إن أبرز
العلوم الشرعية التي تدور أساسا حول الكتاب والسنة – سوى علم الثقافة الإسلامية –
ما يلي:


1/ علوم
القران، وأبرزها علم التفسير المختص بالبحث عن مراده الله في آياته حسب الطاقة.





2/ علوم
الحديث التي تبحث في الأحاديث النبوية من حيث المتن والسند.





3/ علم
العقيدة أو التوحيد الذي يبحث في قضايا الإلهيات والنبوات والسمعيات.





4/علم
الفقه، وهو معرفة أحكام الشريعة بأدلتها التفصيلية في الجانب العملي من حياة
الإنسان.





5/ علم
أصول الفقه، وهو العلم الباحث عن أدلة الفقه الإجمالية، ومنهج الاجتهاد، وأحوال
المجتهد.


6/ علم
السلوك، وهو علم يبحث في أعمال القلوب وآفات النفوس.


هذه العلوم
الشرعية يمثل كل منها تخصصا مستقلا محدد المعالم، ولكنها رغم ذلك ذات تلازم، لأن
الشريعة التي قامت هذه العلوم لخدمتها لا تتجزأ، وعليه فلابد للمتخصص في أي علم
منها أن يقيم تخصصه على معرفة كلية بهذه العلوم، ولكن هذه المعرفة الكلية للمتخصص
في أي واحد منها لا تغني عن الحاجة إلى متخصص بالدراسة الكلية استقلالا (أي متخصص
بعلم الثقافة الإسلامية) لأن المتخصص الجزئي سيعود إلى تخصصه تدريسا وقراءة
وتأليفا ومعالجة، بحيث يستغرق هذا التخصص فكره، وبالتالي يغفل عن رعاية الجانب
الكلي وعن الارتباط الحيوي بين كليات النظم الشرعية. ولذا كان لا بد من وجود متخصص
يبحث الكليات في نظم الإسلام وترابطها.





إذا تبين
هذا فإن صلة علم الثقافة الإسلامية بالعلوم الشرعية المشار إليها تنحصر في النقاط
التالية:





1/ أنه علم
متميز بين هذه العلوم، ليس واحدا منها وليس جمعا لها.





2/ وأنه لا
يغني عنه وجودها الجزئي المتخصص، كما أنه رغم شموليته لا يغني عنها في تخصصاتها
الدقيقة.





3/ وأن
مقامه بينها عظيم لجلالة موضوعه، ذلك أنه علم الكليات التي هي الأصل للجزئيات.


4/ وأن له
صلة وثيقة بكل علم منها، وهذا جار في كل علم من تلك العلوم، حيث لا يمكن فصل أحدهما
عن الآخر.[10]


موضوع علم الثقافة الإسلامية:


يمكن تصنيف
موضوعات علم الثقافة الإسلامية في الأمور الأربعة التالية:


أولا: نظم
الدين الإسلامي ومن أبرزها:


نظام
العقيدة – نظام العبادة – نظام الدعوة – النظام العلمي – النظام الخلقي – النظام
العائلي – النظام الاقتصادي – النظام السياسي.





وهذه النظم
يبحثها علم الثقافة الإسلامية من حيث مصدرها، وأسسها، وخصائصها، وأهدافها،
وآثارها، ومسائلها الكبرى، أما التفصيلات فشأن المتخصصين في هذه النظم.





ثانيا:
المفاهيم المتعلقة بنظم الإسلام ومنهجه:


مثل:
الحرية ، التسامح الديني ، العلم ، التجديد في مجال الدين، هذه المفاهيم يسعى علم
الثقافة الإسلامية إلى تأصيلها على أساس من الكتاب والسنة وفهم السلف، كما يسعى
إلى دفع المفاهيم الخاطئة التي انحرفت عن ذلك الأصل.


ثالثا:
القوى المعادية للإسلام وأهله:


والتي من
أبرزها: الأستشراق، التنصير، الماسونية، الصهيونية، حيث يبحث علم الثقافة شبه هذه
القوى حول الإسلام ومناهجها في محاربته من أجل ردها وكشف حقائقها.


رابعا:
المذاهب والنظريات الحديثة:


ومن ابرز
المذاهب: الرأسمالية والاشتراكية وبعض الأديان القائمة، ومن أبرز النظريات:
العلمانية والتطورية .. وغيرها، حيث يسعى علم الثقافة الإسلامية إلى بيان ما يتفق
من تلك المذاهب والنظريات مع الإسلام وما يختلف معه كما يسعى إلى نقد مبادئها
الفاسدة.[11]



1/
أضواء على الثقافة الإسلامية، للدكتور أحمد فؤاد محمود، الطبعة الأولى 1421 هـ.





2/ سلسلة الأحاديث الصحيحة، للشيخ محمد ناصر
الدين الألباني، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، 1405هـ ، المكتب الإسلامي، بيروت.





3/المدخل
إلى الثقافة الإسلامية، للدكتور عبد الإله بن محمد الملا، الطبعة الأولى، 1428هـ.





4/
مقدمات في الثقافة الإسلامية، للدكتور مفرح بن سليمان القوسي، الطبعة الثالثة،
1424هـ.





5/
مقدمة في الثقافة الإسلامية دراسة تأصيلية، للدكتور عبد الرحمن أبو عامر عبد
السلام، مكتبة الرشد،1425هـ.





6/الوافي
في الثقافة الإسلامية، للدكتور مصلح بن عبد الحي النجار،مكتبة الرشد، 1427هـ.