بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- وبعد
ألحمد لله ؛ أحمده واشكره ؛ وأستغفره وأستعينه وأستهديه ؛ وأعوذ به من شرور أنفسنا ؛ ومن سيآت أعمالنا ؛ ماظهر منها وما بطن ؛ من يهده الله فلا مضل له ؛ ومن يضلله فلا هادي له ؛وبعد :- فإن خير الكلام كلام الله ؛ وخير الهدي هديُ محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ؛ وشر الأمور محدثاتُها ؛ وكل محدثة بدعه ؛ وكل بدعة ضلاله ؛ وكل ضلالة في النار ؛ أللهم صلي وسلم وبارك على حبيبك وعبدك ورسولك ونبيك وخليلك وصفيك محمد ؛ وارض اللهم عن آله وأصحابه وأزواجه وبناته وذرياته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :-
يقول الله تبارك وتعالى
{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) سورة آل عمران
إن حب الله تبارك وتعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ؛ هو أقدس ، وأجل ، وأطهر ، وأعظم ، وأبرك ، وأقوى ، وأنبل ، وأصدق ، وأخلص ، وأنزه ، وأروع ، وأجمل حب عرفته الخلائق ؛ لأنه مربوط ربطا مباشرا بتوحيد الله تعالى وطاعته ؛ واتباع المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ؛ إن حب الله تعالى ورسوله الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم :- يطهر النفوس ؛ ويزكي الأبدان ؛ ويشحن الروح ؛ ويجلي البصر والبصيرة ؛ ويصفي الأذهان ؛ وينور العقول ؛ ويبارك الألباب ؛ ويريح الأفكار ؛ ويعطر الأنفاس ؛ ويقوي القلب ؛ ويعقل اللسان ؛ ويحسن السيرة ؛ ويطيب السريرة ؛ ويحكم الإرادة ؛ ويبعد الهم والغم والحزن والوحشة والضجر ؛ ويجلب السرور والبهجة والسعادة والمسرة والأفراح ؛ ويحث على العبادة الحق ؛ والطاعة الصادقة ؛ والعقيدة السليمة ؛ والأخلاق الفاضلة ؛ والأعمال الصالحة ؛ والسلوكية المعتدلة ؛ والعلاقات النظيفة ؛ والنيات الحسنة ؛ واتباع الحق ونبذ الباطل ؛ ويجعل الإنسان سويا ؛ بأقواله وأفعاله وأعماله وتصرفاته وعلاقاته ؛ وجهره وخفيته ؛ وسره وعلانيته ؛
حب الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام ؛ يحول الإنسان من مجهول إلى معروف ؛ ومن نكرة إلى معرفة ؛ ومن سراب إلى حقيقة ؛ ومن العشوائية إلى الانضباط ؛ ومن الرذيلة إلى الفضيلة ؛ ومن الديوثية وعدم المبالاة واللاشعور إلى العقلانية المؤمنة والإحساس الواعي وتحمل المسؤولية ؛ ومن اللاشيء إلى كل شيء ؛ ومن الأدنى إلى الأعلى ؛ ومن الضلالة إلى الهداية ؛ ومن الشرك إلى التوحيد ؛ ومن النار إلى الجنة ؛ ومن ظلمات الجهل إلى أنوار العلم والمعرفة ؛ ومن الضياع إلى الهدى ؛ ومن عيشة الدواب والهوام والحشرات إلى عيشة الإنسان الذي كرمه الله تعالى ..إذا كم هي محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عظيمة ولها كل هذا التأثير على تعديل وتغيير نمط الإنسان وحياته نحو الأحسن والأفضل بحيث تغير السواد إلى بياض . لذلك على العاقل أن يسعى جاهدا لبقاء هذه المحبة نقية طاهرة كما يريدها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ؛ وأن لايدع شوائب الأهواء النفسية تشوبها وتغير من حقيقة مسارها الإيماني ؛ ضمانا لسلامة القلب وعلاقته مع خالقه تبارك وتعالى .
قال ابن كثير في تفسيره
{{هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ" ولهذا قال: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه ، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول ، كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشأن أن تُحِبّ، إنما الشأن أن تُحَبّ وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية ، فقال: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } .
ثم قال: { وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } أي: باتباعكم للرسول صلى الله عليه وسلم يحصل لكم هذا كله ببركة سفارته.
ثم قال آمرًا لكل أحد من خاص وعام: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا } أي: خالفوا عن أمره { فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك ، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه يحب الله ويتقرب إليه ، حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل ، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس ؛ الذي لو كان الأنبياء بل المرسلون ، بل أولو العزم منهم ؛ في زمانه لما وسعهم إلا إتباعه ، والدخول في طاعته ، وإتباع شريعته}} ،
انتهى ...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :-
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال يا رسول الله : متى الساعة ؟ قال وما أعددت للساعة ؟ قال حب الله ورسوله ، قال : فإنك مع من أحببت
قال أنس رضي الله عنه : فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه و سلم فإنك مع من أحببت .
قال أنس رضي الله عنه : فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم .رواه مسلم في صحيحه --- ومما قلت من أبيات شعرية
أتباع المصطفى للتوحيد أعلام * دروع علم وقوة أسوار
بحفظ كتاب الله بانت أنوارهم * وبتفسيره أشرقت شمس النهار
حجتهم بالوحيين دامغة * غايتهم للهدى والدين توقد الأنوار
شرف الاتباع يجعل صاحبه * باستقامة طريق أحمد المختار
{قال رسول الله} عنده تجارة * ربحها وافر عند مقدر الأقدار
حياكم الله أحباب المصطفى * أكرمكم بدار خص بها الأبرار
بصحبة الآل والأصحاب تنعمون * بجنة تجري من تحتها الأنهار
أللهم اجعلنا من أحبابك وأحباب حبيبك وعبدك ورسولك ونبيك وخليلك وصفيك محمد صلى الله عليه وسلم ومن أحباب أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ومن أحباب آله وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين